للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصحاب النيرنجات كانوا يغدون بإخراج التين، وما يجري مجراه من الفواكه، فإذا حصل ذلك في يد الإنسان وأراد أن يأكله صار بعرا.

وحضرت مجلس حامد وقد أحضر سفط خيازر لطيف حمل من دار محمد بن علي القنائي، أكبر ظني، فتقدم بفتحه ففتح، فإذا فيه قدر جافة خضر وقوارير فيها شيء يشبه لون الزئبق وكسر خبز جافة، وكان السمري حاضرا جالسا بالقرب من أبي، فعجب من تلك القدر وتصييرها في سفط مختوم ومن تلك القوارير، وعندنا أنها أدهان، ومن كسر الخبز، وسأل أبي السمري عن ذلك فدافعه عن الجواب واستعفاه منه، وألح عليه في السؤال فعرفه أن تلك القدر رجيع الحلاج وأنه يستشفى به، وأن الذي في القوارير بوله! فعرف حامد ما قاله فعجب منه وعجب من كان في المجلس، واتصل القول في الطعن على الحلاج، وأقبل أبي يعيد ذكر تلك الكسر ويتعجب منها ومن احتفاظهم بها حتى غاظ السمري ذلك، فقال له: هو ذا أسمع ما تقول، وأرى تعجبك من هذه الكسر وهي بين يديك فكل منها ما شئت ثم انظر كيف يكون قلبك للحلاج بعد أكلك ما تأكله منها، فتهيب أبي أن يأكلها، وتخوف أن يكون فيها سم، وأحضر حامد الحلاج وسأله عما كان في السفط وعن احتفاظ أصحابه برجيعه وبوله، فذكر أنه شيء ما علم به ولا عرفه.

وكان يتفق في كثير من الأيام جلوس الحلاج في مجلس حامد إلى جنبي فأسمعه يقول دائما: سبحانك لا إله إلا أنت، عملت سوءا وظلمت نفسي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. وكانت عليه مدرعة سوداء من صوف، وكنت يوما وأبي بين يدي حامد، ثم نهض عن مجلسه وخرجنا إلى دار العامة وجلسنا في رواقها، وحضر هارون بن عمران الجهبذ فجلس بين يدي أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>