الحج. فلما قرأ أبي هذا الفصل التفت أبو عمر القاضي إلى الحلاج وقال له: من أين لك هذا؟ قال: من كتاب الإخلاص للحسن البصري. فقال له أبو عمر: كذبت يا حلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن البصري بمكة وليس فيه شيء مما ذكرته. فلما قال أبو عمر: كذبت يا حلال الدم، قال له حامد: اكتب بهذا، فتشاغل أبو عمر بخطاب الحلاج، فأقبل حامد يطالبه بالكتاب بما قاله، وهو يدافع ويتشاغل إلى أن مد حامد الدواة من بين يديه إلى أبي عمر ودعا بدرج فدفعه إليه، وألح عليه حامد بالمطالبة بالكتاب إلحاحا لم يمكنه معه المخالفة، فكتب بإحلال دمه، وكتب بعده من حضر المجلس، ولما تبين الحلاج الصورة قال: ظهري حمى ودمي حرام، وما يحل لكم أن تتأولوا علي بما يبيحه، واعتقادي الإسلام، ومذهبي السنة وتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح، ولي كتب في السنة موجودة في الوراقين، فالله الله في دمي. ولم يزل يردد هذا القول والقوم يكتبون خطوطهم إلى أن استكملوا ما احتاجوا إليه، ونهضوا عن المجلس. ورد الحلاج إلى موضعه الذي كان فيه، ودفع حامد ذلك المحضر إلى والدي وتقدم إليه أن يكتب إلى المقتدر بالله بخبر المجلس وما جرى فيه، وينفذ الفتوى درج الرقعة ويستأذنه في قتله، ويكتب رقعة إلى نصر الحاجب يسأله فيها إيصال الرقعة إلى المقتدر بالله، وتنجز الجواب عنها، فكتب الرقعتين وأنفذ الفتوى درج الرقعة إلى المقتدر بالله، وأبطأ الجواب يومين فغلظ ذلك على حامد ولحقه ندم على ما كتب به، وتخوف أن يكون قد وقع غير موقعه، ولم يجد بدا من نصرة ما عمله فكتب بخط والدي رقعة إلى المقتدر بالله في اليوم الثالث يقتضي فيها ما تضمنته الأولى ويقول: إن ما جرى في المجلس قد شاع وانتشر، ومتى لم يتبعه قتل الحلاج افتتن الناس به، ولم يختلف عليه اثنان، ويستأذن في ذلك، وأنفذ