الرقعة إلى مفلح، وسأله إيصاله وتنجز الجواب عنها وإنفاذه إليه، فعاد الجواب من المقتدر بالله من غد ذلك اليوم من جهة مفلح بأن القضاة إذا كانوا قد أفتوا بقتله وأباحوا دمه فلتحضر محمد بن عبد الصمد صاحب الشرطة وليتقدم إليه بتسلمه وضربه ألف سوط، فإن تلف تحت الضرب وإلا ضرب عنقه. فسر حامد بهذا الجواب، وزال ما كان عليه من الاضطراب، وأحضر محمد بن عبد الصمد وأقرأه إياه، وتقدم إليه بتسلم الحلاج، فامتنع من ذلك وذكر أنه يتخوف أن ينتزع، فأعلمه حامد أنه يبعث معه غلمانه حتى يصيروا به إلى مجلس الشرطة في الجانب الغربي، ووقع الاتفاق على أن يحضر بعد عشاء الآخرة ومعه جماعة من أصحابه وقوم على بغال مؤكفة يجرون مجرى الساسة ليجعل على واحد منها ويدخل في غمار القوم، وأوصاه بأن يضربه ألف سوط، فإن تلف حز رأسه واحتفظ به وأحرق جثته، وقال له حامد: إن قال لك: أجري لك الفرات ذهبا وفضة فلا تقبل منه! ولا ترفع الضرب عنه. فلما كان بعد عشاء الآخرة وافى محمد بن عبد الصمد إلى حامد ومعه رجاله والبغال المؤكفة، فتقدم إلى غلمانه بالركوب معه حتى يصل إلى مجلس الشرطة، وتقدم إلى الغلام الموكل به بإخراجه من الموضع الذي هو فيه وتسليمه إلى محمد بن عبد الصمد، فحكى الغلام أنه لما فتح الباب عنه وأمره بالخروج - وهو وقت لم يكن يفتح عنه في مثله - قال له: من عند الوزير؟ فقال: محمد بن عبد الصمد. فقال: ذهبنا والله. وأخرج وأركب بعض تلك البغال المؤكفة واختلط بجملة الساسة، وركب غلمان حامد معه حتى أوصلوه إلى الجسر ثم انصرفوا، وبات هناك محمد بن عبد الصمد ورجاله مجتمعون حول المجلس، فلما أصبح يوم الثلاثاء لست بقين من ذي القعدة أخرج الحلاج إلى رحبة المجلس، وأمر الجلاد بضربه بالسوط، واجتمع من العامة