سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل، وعلى ما وصفت من أحوالهم فإني لا أرى لك صحبتهم، ثم قام وخرج.
أخبرنا البرقاني، قال: حدثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر بن النجم الميانجي، قال: حدثنا سعيد بن عمرو البرذعي قال: شهدت أبا زرعة وسئل عن الحارث المحاسبي وكتبه، فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر، فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب، قيل له: في هذه الكتب عبرة، قال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة، بلغكم أن مالك بن أنس وسفيان الثوري والأوزاعي والأئمة المتقدمين صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء؟ هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم، يأتونا مرة بالحارث المحاسبي، ومرة بعبد الرحيم الدَّبيلي، ومرة بحاتم الأصم، ومرة بشقيق، ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع.
حدثت عن دعلج بن أحمد قال: سمعت القاضي الحسين بن إسماعيل المحاملي يقول: قال لي أبو بكر بن هارون بن المجدر: سمعت جعفر ابن أخي أبي ثور يقول: حضرت وفاة الحارث - يعني المحاسبي - فقال: إن رأيت ما أحب تبسمت إليكم، وإن رأيت غير ذلك تبينتم في وجهي. قال: فتبسم ثم مات.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، قال: سمعت أبا القاسم النصراباذي يقول: بلغني أن الحارث المحاسبي تكلم في شيء من الكلام، فهجره أحمد بن حنبل، فاختفى في دار ببغداد ومات فيها، ولم يصل عليه إلا أربعة نفر، ومات سنة ثلاث وأربعين ومائتين.