يوما في الغلس وخرج، فقال: من ها هنا يتقدم يقرأ؟ فتقدمت فجلست بين يديه، فاستفتحت سورة يوسف وهي من أشد القرآن إعرابا، فقال لي: من أنت؟ فما سمعت أقرأ منك! فقلت: أنا خلف. فقال لي: فعلتها ما يحل لي أن أمنعك، اقرأ. قال: فكنت أقرأ عليه حتى قرأت يوما المؤمن، فلما بلغت إلى قوله تعالى:(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) بكى بكاء شديدا، ثم قال لي: يا خلف، أما ترى ما أعظم حق المؤمن، تراه نائما على فراشه والملائكة تستغفر له، حدثني حمزة الزيات، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: إن الله خلق مائة رحمة، فأنزل منها رحمة على عباده يتراحمون بها. وخبأ تسعا وتسعين عنده، فإذا كان يوم القيامة جمع تيك الرحمة إلى التسعة والتسعين وفَضَّهَا على عباده. فمن رحمة واحدة جعلني مسلما، وعلمني القرآن، وعرفني نبيه، وفعل بي وفعل، إني أرجو من تسع وتسعين الجنة. دخل كل واحد من اللفظين في الآخر والمعنى متقارب.
أخبرني أحمد بن محمد العتيقي، قال: حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثنا جعفر بن محمد الصندلي، قال: أخبرنا أبو بكر بن حماد، قال: سألت خلف بن هشام، قلت: يا أبا محمد ابن سعدان الضرير قرأ عليك؟ قال: لم تسأل عن هذا؟ فقلت: أحببت أن أعلم، فقال: كان ابن سعدان يختلف إلى البصرة في قبض أرزاقه مع المكافيف، فكان يجلس إلى أيوب بن المتوكل، فقال له أيوب يوما: يا ضرير، ألك حظ في القرآن؟ قال: فقال ابن سعدان: قد