من أصحابنا في أمر داود الأصبهاني والمزني، وهما فضل الرازي، وعبد الرحمن بن خراش البغدادي، فقال ابن خراش: داود كافر، وقال فضل: المزني جاهل، ونحو هذا من الكلام، فأقبل عليهما أبو زرعة يوبخهما، وقال لهما: ما واحد منهما لكما بصاحب، ثم قال: من كان عنده علم فلم يصنه، ولم يقتصر عليه، والتجأ إلى الكلام، فما في أيديكما منه شيء، ثم قال: إن الشافعي لا أعلم تكلم في كتبه بشيء من هذا الفضول الذي قد أحدثوه، ولا أرى امتنع من ذلك إلا ديانة، وصانه الله لما أراد أن ينفذ حكمته، ثم قال: هؤلاء المتكلمون لا تكونوا منهم بسبيل؛ فإن آخر أمرهم يرجع إلى شيء مكشوف ينكشفون عنه، وإنما يتموه أمرهم سنة، سنتين، ثم ينكشف، فلا أرى لأحد أن يناضل عن أحد من هؤلاء، فإنهم إن تهتكوا يوما قيل لهذا المناضل: أنت من أصحابه، وإن طلب يوما طلب هذا به، لا ينبغي لمن يعقل أن يمدح هؤلاء، ثم قال لي: ترى داود هذا، لو اقتصر على ما يقتصر عليه أهل العلم لظننت أنه يكمد أهل البدع بما عنده من البيان والآلة، ولكنه تعدى، لقد قدم علينا من نيسابور فكتب إلي محمد بن رافع، ومُحَمد بن يحيى وعمرو بن زرارة وحسين بن منصور ومشيخة نيسابور بما أحدث هناك، فكتمت ذلك لما خفت من عواقبه، ولم أبدله شيئا من ذلك، فقدم بغداد وكان بينه وبين صالح بن أحمد حسن، فكلم صالحا أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه، فأتى صالح أباه فقال له: رجل سألني أن يأتيك؟ قال: ما اسمه؟ قال: داود، قال: من أين هو؟ قال: من أهل أصبهان، قال: أي شيء صناعته؟ قال: وكان صالح يروغ عن تعريفه إياه، فما زال أبو عبد الله يفحص عنه حتى فطن، فقال: هذا قد كتب إلي محمد بن يحيى النيسابوري في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني. قال: يا أبت، إنه ينتفي من هذا وينكره. فقال أبو عبد الله أحمد: