أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن بن علي بن بكران النهرواني، قال: حدثنا المعافى بن زكريا الجريري، قال: حدثنا ابن مخلد، قال: حدثنا حماد بن المؤمل أبو جعفر الضرير الكلبي، قال: حدثني شيخ على باب بعض المحدثين قال: سألت وكيعا عن مقدمه هو وابن إدريس وحفص على هارون الرشيد؟ فقال لي: ما سألني عن هذا أحد قبلك، قدمنا على هارون أنا وعبد الله بن إدريس، وحفص بن غياث فأقعدنا بين السريرين، فكان أول من دعا به أنا، فقال لي هارون: يا وكيع، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين قال: إن أهل بلدك طلبوا مني قاضيا وسموك لي فيمن سموا، وقد رأيت أن أشركك في أمانتي، وصالح ما أدخل فيه من أمر هذه الأمة، فخذ عهدك وامض، فقلت: يا أمير المؤمنين أنا شيخ كبير، وإحدى عيني ذاهبة، والأخرى ضعيفة، فقال هارون: اللهم غفرا خذ عهدك أيها الرجل، وامض، فقلت: يا أمير المؤمنين، والله لئن كنت صادقا إنه لينبغي أن تقبل مني، ولئن كنت كاذبا فما ينبغي أن تولي القضاء كذابا، فقال: اخرج فخرجت، ودخل ابن إدريس، وكان هارون قد وسم له من ابن إدريس وسم، يعني خشونة جانبه، فدخل فسمعنا صوت ركبتيه على الأرض حين برك، وما سمعناه يسلم إلا سلاما خفيا، فقال له هارون: أتدري لم دعوتك؟ قال: لا. قال: إن أهل بلدك طلبوا مني قاضيا، وأنهم سموك لي فيمن سموا، وقد رأيت أن أشركك في أمانتي، وأدخلك في صالح ما أدخل فيه من أمر هذه الأمة، فخذ عهدك وامض. فقال له ابن إدريس: ليس أصلح للقضاء، فنكت هارون بإصبعه، وقال له: وددت أني لم أكن رأيتك، قال ابن إدريس: وأنا وددت أني لم أكن رأيتك، فخرج ثم دخل حفص بن غياث، فقال له كما قال لنا، فقبل عهده وخرج. فأتانا خادم معه ثلاثة أكياس في كل كيس خمسة آلاف، فقال لي: إن أمير المؤمنين يقرئكم السلام ويقول لكم: قد لزمتكم في شخوصكم مؤونة فاستعينوا بهذه في سفركم. قال وكيع: فقلت له: أقرئ أمير المؤمنين السلام، وقل له: قد وقعت مني بحيث يحب أمير المؤمنين، وأنا عنها مستغن، وفي رعية أمير المؤمنين من هو أحوج إليها مني فإن رأى أمير المؤمنين أن يصرفها