المؤمنين، قال: ترفع نفسك عنها؟ قال: ومن يرفع نفسه عن الوزارة؟ ولكني قلت هذا رافعا لها وواضعا لنفسي بها. فقال المأمون: إنا نعرف موضع الكفاة الثقات المتقدمين من الرجال، ولكن دولتنا منكوسة، إن قومناها بالراجحين انتقضت، وإن أيدناها بالناقصين استقامت، لذلك اخترت استعمال الصواب فيك.
أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري، قال: حدثنا المعافى بن زكريا إملاء، قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا أبو سهل الرازي قال: لما دخل المأمون بغداد تلقاه أهلها، فقال له رجل من الموالي: يا أمير المؤمنين بارك الله لك في مقدمك، وزاد في نعمك، وشكرك عن رعيتك، فقد فقت من قبلك وأتعبت من بعدك، وآيست أن يعتاض منك، لأنه لم يكن مثلك، ولا علم شبهك. أما فيمن مضى فلا يعرفونه، وأما فيمن بقي فلا يرتجونه فهم بين دعاء لك، وثناء عليك وتمسك بك، أخصب لهم جنابك، واحلولى لهم ثوابك، وكرمت مقدرتك، وحسنت أثرتك، ولانت نظرتك فجبرت الفقير، وفككت الأسير، وأنت كما قال الشاعر [من المنسرح]:
ما زلت في البذل للنوال وإطلاق لعان بجرمه علق حتى تمنى البراء أنهم عندك أمسوا في القد والحلق