للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخبرنا أبو القاسم الأزهري، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى. وأخبرنا الحسن بن علي الجوهري، قال: أخبرنا محمد بن العباس بن حيويه؛ قالا: قال أبو الحسين أحمد بن جعفر ابن المنادي: ثم إن بغداد سميت حين سكنت مدينة السلام، فليس في الأرض مدينة على هذا الاسم غيرها، وكان بعض إخواننا إذا ذكرها يقرأ قول الله تعالى: ﴿بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ قال أبو الحسين: هذا إلى تركنا ذكر أشياء كثيرة من مناقبها التي أفردها الله بها دون سائر الدنيا شرقا وغربا، وبين ذلك من الأخلاق الكريمة، والسجايا الرضية، والمياه العذبة الغدقة، والفواكه الكثيرة الدمثة، والأحوال الجميلة، والحذق في كل صنعة، والجمع لكل حاجة، والأمن من ظهور البدع، والاغتباط بكثرة العلماء والمتعلمين، والفقهاء والمتفقهين، ورؤساء المتكلمين، وسادة الحساب والنحوية، ومجيدي الشعراء، ورواة الأخبار والأنساب وفنون الآداب، وحضور كل طرفة، واجتماع ثمار الأزمنة في زمن واحد؛ لا يوجد ذلك في بلد من مدن الدنيا إلا بها، لا سيما زمن الخريف. ثم إن ضاق مسكن بساكن وجد خيرا منه، وإن لاح له مكان أحب إليه من مكانه لم يتعذر عليه النقلة إليه من أي جانب من جانبيه أراده ومن أي طرف من أطرافه خف عليه. ومتى هرب أحد من خصمه وجد من يستره في قرب أو بعد، وإن آثر أن يستبدل دارا بدار أو سكة بسكة أو شارعا بشارع أو زقاقا بزقاق فغير ذلك من التبديل، اتسع له الإمكان في ذلك حسب الحال والوقت. ثم عيون التجار المجهزين، والسلاطين المعظمين، وأهل البيوتات المبجلين، في ناحية ناحية، تنبعث الخيرات بهم إلى الذين هم في الحال دونهم غير منقطع ذلك ولا مفقود، فهي من خزائن الله العظام التي لا

<<  <  ج: ص:  >  >>