يقف على حقيقتها إلا هو وحده. ثم هي مع ذلك منصورة محبورة، كلما ظن عدو الإسلام أنه فائز باستئصال أهلها كبته الله وكبه لمنخريه، وأتى جلت قدرته بما ليس في تقدير الخلق أجمعين، فضلا من الله ون مة، والله ذو الفضل العظيم.
أخبرني أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب الكاتب، قال: حدثني جدي محمد بن عبيد الله بن الفضل بن قفرجل، قال: حدثنا محمد بن يحيى النديم، قال: حدثنا عون بن محمد، قال: حدثنا سعيد بن هريم، قال: قالت زبيدة لمنصور النمري: قل شعرا تحبب فيه بغداد إلى أمير المؤمنين الرشيد، فقد اختار عليها الرافقة، فقال:[من البسيط]:
ماذا ببغداد من طيب الأفانين … ومن منازة للدنيا وللدين
تحيي الرياح بها المرضى إذا نسمت … وجوشت بين أغصان الرياحين
قال: فأعطته ألفي دينار.
أنشدنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني، قال: أنشدنا أبو نصر الشاشي لأبي القاسم الشاعر الوراق [من الطويل]:
أعاينت في طول من الأرض والعرض … كبغداد دارا إنها جنة الأرض
صفا العيش في بغداد واخضر عوده … وعود سواه غير صاف ولا غض
تطول بها الأعمار إن غذاءها … مريء وبعض الأرض أمرأ من بعض
هذا القدر أنشدنا البرقاني من هذه الأبيات، وهي أكثر من هذه، وقائلها عمارة بن عقيل، ولها خبر سنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.