وفطنة وبصيرة ثاقبة وعزيمة ماضية، ضاربا في الأدب بسهم، وآخذا من علم الكلام بحظ، وكان يجمع وسامة في منظره وظرفا في ملبسه وطلاقة في مجلسه، وبلاغة في خطابه، وعفة عن الأموال، ونهوضا بأعباء الأحكام، وهيبة في قلوب الرجال.
سمعت القاضي أبا القاسم التنوخي يقول: كان الصاحب أبو القاسم بن عباد يقول: كنت أشتهي أن أدخل بغداد فأشاهد جرأة محمد بن عمر العلوي وتنسك أبي أحمد الموسوي وظرف أبي محمد بن معروف.
وقال لي التنوخي: بلغني أن أبا محمد بن معروف جلس يوما للحكم في جامع الرصافة؛ فاستدعى أصحاب القصص إليه فتتبعها ووقع على أكثرها، ثم نظر في بعضها فإذا فيها ذكر له بالقبيح وموافقته على وضاعته وسقوط أصله، ثم تنبيهه وتذكيره لأحوال غير جميلة وتعديد ذلك عليه؛ فقلب الرقعة وكتب على ظهرها:
العالم العاقل وابن نفسه أغناه جنس علمه عن جنسه كن ابن من شئت وكن كيسا فإنما المرء بفضل كيسه كم بين من تكرمه لغيره وبين من تكرمه لنفسه من إنما حياته لغيره فيومه أولى من أمسه حدثني محمد بن علي الصوري، قال: أنشدني القاضي أبو عصمة أحمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الملك بن بدر بن الهيثم اللخمي بطرابلس، قال: أنشدني قاضي القضاة أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف لنفسه ببغداد مضمنا البيت الأخير [من البسيط]: