أخبرنا التنوخي، قال: حدثني جماعة من أصدقائنا، عن أبي عبد الله بن بطة العكبري، قال: انحدرت لأقرأ على أبي بكر بن مجاهد فوافيت إلى مسجده فجلست فيه بالقرب منه؛ فلما أقرأ جماعة نظرت فإذا سبقي بعيد؛ فدنوت منه وقلت: يا أستاذ خذ علي؛ فقال: ليس السبق لك؛ فقلت له: أنا غريب وينبغي أن تقدمني؛ فقال: لعمري من أي بلد أنت؟ فقلت: من بلد يقال له: عكبرا؛ فقال لأصحابه: بلد غريب ما سمعنا به ومسافة شاسعة. ثم ضحك والتفت إلي؛ فقال لي: لا رد الله غربتك مع أمك؛ تغديت وجئت إلي.
حدثني عبد الواحد بن علي العكبري، قال: لم أر في شيوخ أصحاب الحديث ولا في غيرهم أحسن هيئة من ابن بطة.
حدثني القاضي أبو حامد أحمد بن محمد الدلوي، قال: لما رجع أبو عبد الله بن بطة من الرحلة لازم بيته أربعين سنة؛ فلم ير يوما منها في سوق ولا رؤي مفطرا إلا في يومي الأضحى والفطر، وكان أمارا بالمعروف ولم يبلغه خبر منكر إلا غيره أو كما قال.
كتب إلي أبو ذر عبد بن أحمد الهروي من مكة يذكر أنه سمع نصرا الأندلسي، قال: وكان يحفظ ويفهم ورحل إلى خراسان، قال: خرجت إلى عكبرا؛ فكتبت عن شيخ بها عن أبي خليفة، وعن ابن بطة، ورجعت إلى بغداد؛ فقال أبو الحسن الدارقطني: أين كنت؟ فقلت: بعكبرا؛ فقال: وعمن كتبت؟ فقلت: عن فلان صاحب أبي خليفة، وعن ابن بطة؛ فقال: وأيش كتبت عن ابن بطة؟ قلت: كتاب السنن لرجاء بن مرجى، حدثني به ابن بطة، عن حفص بن عمر الأردبيلي، عن رجاء بن مرجى؛ فقال: هذا محال دخل، رجاء بن مرجى بغداد سنة أربعين ودخل حفص بن عمر الأردبيلي سنة سبعين ومائتين فكيف سمع منه؟