لعبد الحميد قاضي أمير المؤمنين وقوف الحسن بن سهل، وفيها ما قد أدخله أمير المؤمنين إلى قصره، ولما جبيت مال هذه السنة امتنع من تفرقته إلى أن أجبي ما على أمير المؤمنين، وأنفذني الساعة قاصدا بهذا السبب، وأمرني أن أقول: إني حضرت في مهم لأصل، قال: فسكت ساعة مفكرا، ثم قال: أصاب عبد الحميد، يا صافي هات الصندوق، قال: فأحضره صندوقا لطيفا؛ فقال: كم يجب لك؟ فقلت: الذي جبيت عام أول من ارتفاع هذه العقارات أربعمائة دينار، قال: كيف حذقك بالنقد والوزن؟ قلت: أعرفهما، قال: هاتوا ميزانا. فجاءوا بميزان حراني حسن عليه حلية ذهب، وأخرج من الصندوق دنانير عينا، فوزن منها أربعمائة دينار، فوزنتها بالميزان وقبضتها وانصرفت إلى أبي خازم بالخبر؛ فقال: أضفها إلى ما اجتمع من الوقف عندك، وفرقه في غد في سبله، ولا تؤخر ذلك. ففعلت ذلك، فكثر شكر الناس لأبي خازم بهذا السبب وإقدامه على الخليفة بمثل ذلك، وشكرهم للمعتضد في إنصافه.
أخبرنا التنوخي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو الفرج طاهر بن محمد الصِّلحي، قال: حدثني القاضي أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر، قال: بلغني أن أبا خازم القاضي جلس في الشرقية وهو قاضيها للحكم، فارتفع إليه خصمان، فأجرى أحدهما بحضرته إلى ما أوجب التأديب، فأمر بتأديبه فأدب فمات في الحال، فكتب إلى المعتضد من المجلس: اعلم أمير المؤمنين - أطال الله بقاءه - أن خصمين حضراني فأجرى أحدهما إلى ما وجب