عليه معه التأديب عندي، فأمرت بتأديبه فأدب فمات، وإذا كان المراد بتأديبه مصلحة المسلمين فمات في الأدب، فالدية واجبة في بيت مال المسلمين؛ فإن رأى أمير المؤمنين - أطال الله بقاءه - أن يأمر بحمل الدية لأحملها إلى ورثته فعل، قال: فعاد الجواب إليه بأنا قد أمرنا بحمل الدية إليك، وحمل إليه عشرة آلاف درهم، فأحضر ورثة المتوفى ودفعها إليهم.
قال التنوخي: وحدثنا أبو عبيد الله المرزباني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن شهاب، عن أبي خازم القاضي بهذا الخبر.
أخبرني علي بن أبي علي المعدل، قال: حدثني أبي، قال: حدثني القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن مروان، قال: حدثني مكرم بن بكر، وكان من فضلاء الرجال وعلمائهم، قال: كنت في مجلس أبي خازم القاضي، فتقدم رجل شيخ ومعه غلام حدث، فادعى الشيخ عليه ألف دينار عينا دينا؛ فقال له: ما تقول؟ فأقر؛ فقال للشيخ: ما تشاء؟ قال: حبسه؛ فقال للغلام: قد سمعت، فهل لك أن تنقدَه البعض وتسأله إنظارك؟ فقال: لا؛ فقال الشيخ: إن رأى القاضي أن يحبسه، قال: فتفرس أبو خازم فيهما ساعة، ثم قال: تلازما إلى أن أنظر بينكما في مجلس آخر، قال: فقلت لأبي خازم وكانت بيننا أنسة: لم أخر القاضي حبسه؟ فقال: ويحك إني أعرف في أكثر الأحوال في وجه الخصوم وجه المحق من المبطل، وقد صارت لي بذلك دربة لا تكاد تخطئ، وقد وقع لي أن سماحة هذا بالإقرار هي عن بلية وأمر يبعد من الحق، وليس في تلازمهما بطلان حق، ولعله ينكشف لي من أمرهما ما