أكون معه على وثيقة مما أحكم به بينهما، أما رأيت قلة تعاصيهما في المناظرة وقلة اختلافهما وسكون طباعهما مع عظم المال؟! وما جرت عادة الأحداث بفرط التورع حتى يقر مثل هذا طوعا عجلا بمثل هذا المال، قال: فنحن كذلك نتحدث إذ استؤذن على أبي خازم لبعض وجوه الكرخ من مياسير التجار فأذن له، فدخل فسلم وشبَّب لكلامه فأحسن، ثم قال: قد بليت بابن لي حدث يتقاين ويتلف كل ما يظفر به من مالي في القيان عند فلان المقين، فإذا منعته مالي احتال بحيل تضطرني على التزام غرم له، وإن عددت ذلك طال، وأقربه أنه قد نصب المقين اليوم ليطالبه بألف دينار عينا دينا حالا، وبلغني أنه تقدم إلى القاضي ليقر له بها فيحبس، وأقع مع أمه فيما ينغص عيشي إلى أن أزن عنه ذلك للمقين، فإذا قبضه المقين حاسبه به من الجذور، ولما سمعت بذلك بادرت إلى القاضي لأشرح له الأمر فيداويه بما يشكره الله له، فجئت فوجدتهما على الباب، قال: فحين سمع أبو خازم ذلك تبسم، وقال لي: كيف رأيت؟ قال: فقلت: لهذا ومثله فضل الله القاضي. وجعلت أدعو له؛ فقال: علي بالغلام والشيخ فدخلا؛ فأرهب أبو خازم الشيخ ووعظ الغلام، قال: فأقر الشيخ بأن الصورة كما بلغ القاضي وأنه لا شيء له عليه، وأخذ الرجل بيد ابنه وانصرفوا.
أخبرنا الأزهري، قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ، قال: أنشدنا أبو محمد يزداد بن عبد الرحمن بن محمد بن يزداد الكاتب، قال: أنشدني أبو خازم القاضي: