الحوت؟ فرفع حمزة بصره إلى خلاد الأحول، وكان أجمل غلمانه، فتقدم إليه في جماعة من أهل المجلس، فناظروه فلم يصنعوا شيئا، فقالوا: أفدنا يرحمك الله، فقال لهم الكسائي: تفهموا عن الحائك، تقول إذا نسبت الرجل إلى الذئب قد استذأب الرجل، ولو قلت: استذاب بغير همز لكنت إنما نسبته إلى الهزال، تقول: قد استذاب الرجل إذا استذاب شحمه بغير همز، وإذا نسبته إلى الحوت تقول: قد استحات الرجل أي كثر أكله؛ لأن الحوت يأكل كثيرا، لا يجوز فيه الهمز، فلتلك العلة همز الذئب ولم يهمز الحوت، وفيه معنى آخر: لا يسقط الهمز من مفرده ولا من جمعه وأنشدهم:
أيها الذئب وابنه وأبوه أنت عندي من أذؤب ضاريات
قال: فسمي الكسائي من ذلك اليوم.
أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي، قال: أخبرنا محمد بن جعفر التميمي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن داود، قال: حدثنا أحمد بن فرح، قال: حدثنا أبو عمر، قال أبو علي: وحدثنا أبو جعفر عقدة، قال: حدثنا أبو بديل، عن سلمة، قال: كان عند المهدي مؤدب يؤدب الرشيد، فدعاه يوما المهدي وهو يستاك، فقال: كيف تأمر من السواك؟ فقال: استك يا أمير المؤمنين، فقال المهدي: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قال: التمسوا لنا من هو أفهم من ذا، فقالوا: رجل يقال له: علي بن حمزة الكسائي من أهل الكوفة، قدم من البادية قريبا، فكتب بإزعاجه من الكوفة فساعة دخل عليه، قال: يا علي بن حمزة، قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: كيف تامر من السواك، قال: سك يا أمير المؤمنين، قال: أحسنت وأصبت وأمر له بعشرة آلاف درهم.
أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي، قال: أخبرنا محمد بن جعفر التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر الدارمي، وأبو علي النقار، وأبو العباس محمد بن الحسن الهذلي، قالوا: حدثنا أحمد بن فرح، قال: سمعت أبا عمر