إسماعيل الصفار، فجلس ينسخ جزءا كان معه، وإسماعيل يملي، فقال له بعض الحاضرين: لا يصح سماعك وأنت تنسخ. فقال الدارقطني: فهمي للإملاء خلاف فهمك، ثم قال: تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن؟ فقال: لا، فقال الدارقطني: أملى ثمانية عشر حديثا، فعدت الأحاديث فوجدت كما قال. ثم قال أبو الحسن: الحديث الأول منها عن فلان عن فلان، ومتنه كذا. والحديث الثاني عن فلان عن فلان، ومتنه كذا، ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها، فتعجب الناس منه، أو كما قال.
حدثنا البرقاني، قال: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: كتبت ببغداد من أحاديث السوداني، أحاديث يتفرد بها. ثم مضيت إلى الكوفة لأسمع منه، فجئت إليه وعنده أبو العباس بن عقدة، فدفعت إليه الأحاديث في ورقة، فنظر فيها أبو العباس، ثم رمى بها واستنكرها وأبي أن يقرأها، وقال: هؤلاء البغداديون يجيئونا بما لا نعرفه، قال أبو الحسن: ثم قرأ أبو العباس عليه، فمضى في جملة ما قرأه حديث منها، فقلت له: هذا الحديث من جملة الأحاديث، ثم مضى آخر، فقلت: وهذا أيضا من جملتها، ثم مضى ثالث، فقلت: وهذا أيضا منها، وانصرفت وانقطعت عن العود إلى المجلس لحمى نالتني. فبينا أنا في الموضع الذي كنت نزلته إذا بداق يدق علي الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: ابن سعيد، فخرجت وإذا بأبي العباس، فوقعت في صدره أقبله، وقلت: يا سيدي لم تجشمت المجيء؟ فقال: ما عرفناك إلا بعد انصرافك، وجعل يعتذر إلي، ثم قال: ما الذي أخرك عن الحضور؟ فذكرت له أني حممت. فقال: تحضر المجلس لتقرأ ما أحببت، فكنت بعد إذا حضرت أكرمني ورفعني في المجلس، أو كما قال.