وقال عمرو: اعلم أن كل ما توهمه قلبك، أو سنح في مجاري فكرتك، أو خطر في معارضات قلبك، من حسن أو بهاء أو أنس أو ضياء، أو جمال أو شبح، أو نور أو شخص، أو خيال، فالله بعيد من ذلك كله، بل هو أعظم وأجل وأكبر، ألا تسمع إلى قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ وقال: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾
وقال عمرو: المروءة: التغافل عن زلل الإخوان.
وقال عمرو: ولقد علم الله نبيه ﷺ ما فيه الشفاء، وجوامع النصر، وفواتح العبادة، فقال: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
وقال عمرو: إن العلم قائد، والخوف سائق، والنفس حرون بين ذلك، جموح خداعة، رواغة فاحذرها، وراعها بسياسة العلم، وسقها بتهديد الخوف، يتم لك ما تريد.
حدثنا الأزجي، قال: حدثنا علي بن عبد الله الهمداني، قال: حدثنا الخلدي، قال: سمعت جنيدا، وقد قال له أبو القاسم النهاوندي: عمرو المكي يوافي وينزل عند فلان، قال: لا أحب أن أسلم عليه، وذلك أني معزم على أن لا أكلم أحدا ممن كان يظهر الزهد ويقول به، ثم تبدو منه المذمومات من الانتشار في طلب الدنيا، والاتساع في طلبها، إلا أن يتوب.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري، قال: أخبرنا محمد بن الحسين السلمي بنيسابور، قال: سمعت أبا عبد الله الرازي يقول: لما ولي عمرو قضاء جدة هجره الجنيد، فجاء إلى بغداد، وسلم عليه، فلم يجبه، فلما مات حضر