فقال: ألا أخبرك بأعجوبة؟ شهد فلان وفلان عند القاضي، والقاضي يومئذ معاذ بن معاذ العنبري، بأربعة آلاف دينار على رجل، فأمرني أن أسأل عنهما، فجاءني صاحب الدنانير، فقال لي: لك من هذا المال الذي لي على هذا الرجل نصفه، وهو ألفا دينار، وتعدل شاهدي فقلت: استحييب لك، وشهوده عندنا غير مستورين، قال: وكان عفان على مسألة معاذ بن معاذ، قال: وقيل لمعاذ: ما تصنع بعفان؟ وهو رجل مغفل لا يحسن قبيله من دبيره، فسكت، فوجهه يوما في مسألة فذهب فسأل عنهم وجعل كتاب المسألة في كمه، فمر بأصحاب القبيط، فاشتهى من ذاك القبيط، فاشترى منه وجعله في كمه فوق كتاب المسألة، ولم يشعر، فجاء إلى معاذ بن معاذ فأخرج كتاب المسألة ليدفعه إلى معاذ وذلك القبيط قد اختلط بذلك الكتاب، قال: فضحك، وقال: من يلومني على عفان.
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، قال: حدثنا حنبل بن إسحاق، قال: حضرت أبا عبد الله أحمد، ويحيى بن معين عند عفان بعدما دعاه إسحاق بن إبراهيم للمحنة، وكان أول من امتحن من الناس عفان، فسأله يحيى بن معين من الغد بعدما امتحن، وأبو عبد الله حاضر ونحن معه، فقال له يحيى: يا أبا عثمان أخبرنا بما قال لك إسحاق بن إبراهيم، وما رددت عليه؟ فقال عفان ليحيى: يا أبا زكريا لم أسود وجهك ولا وجوه أصحابك، يعني بذلك أني لم أجب، فقال له: فكيف كان؟ قال: دعاني إسحاق بن إبراهيم، فلما دخلت عليه قرأ علي الكتاب الذي كتب به المأمون من أرض الجزيرة من الرقة، فإذا فيه: امتحن عفان وادعه إلى أن يقول القرآن كذا وكذا، فإن قال ذلك فأقره على أمره، وإن لم يجبك إلى ما كتبت به إليك فاقطع عنه الذي يجرى عليه، وكان المأمون يجري على عفان خمسمِائَة درهم