وكان مسلم أيضا يناضل، عن البخاري حتى أوحش ما بينه، وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه فأخبرني محمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ يقول: لما استوطن محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور أكثر مسلم بن الحجاج الاختلاف إليه فلما وقع بين محمد بن يحيى، والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس من الاختلاف إليه حتى هجر، وخرج من نيسابور في تلك المحنة قطعه أكثر الناس غير مسلم فإنه لم يتخلف عن زيارته فأنهي إلى محمد بن يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهبه قديما وحديثا، وأنه عوتب على ذلك بالعراق، والحجاز، ولم يرجع عنه فلما كان يوم مجلس محمد بن يحيى قال في آخر مجلسه: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته، وقام على رؤوس الناس، وخرج من مجلسه، وجمع كل ما كان كتب منه وبعث به على ظهر حمال إلى باب محمد بن يحيى فاستحكمت بذلك الوحشة، وتخلف عنه، وعن زيارته.
وقال محمد بن عبد الله النيسابوري سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول: سمعت أحمد بن سلمة يقول: عقد لأبي الحسين مسلم بن الحجاج مجلس للمذاكرة فذكر له حديث لم يعرفه فانصرف إلى منزله وأوقد السراج وقال لمن في الدار: لا يدخلن أحد منكم هذا البيت فقيل له: أهديت لنا سلة فيها تمر فقال: قدموها إلي فقدموها إليه فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة يمضغها فأصبح، وقد فني التمر، ووجد الحديث قال محمد بن عبد الله: زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات.
وقال أيضا: سمعت محمد بن يعقوب أبا عبد الله الحافظ يقول: توفي مسلم بن الحجاج عشية يوم الأحد، ودفن يوم الإثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين.