خرج المؤمل بن أميل المحاربي إلى المهدي، وهو أمير على الري ممتدحا له فأمر له بعشرين ألف درهم، ورفع الخبر إلى المنصور قال: فلما اتصل به قربي من العراق أقعد لي قاعدا على جسر النهروان يستقرئ القوافل، فلما مررت به قال لي: من أنت؟ قلت: المؤمل بن أميل مادح الأمير المهدي وشاعره. قال: إياك طلبت، ثم أخذ بيدي فأدخلني على المنصور، وهو بقصر الذهب فقال لي: أتيت غلاما غرا فخدعته؟ قلت: بل أتيت غلاما كريما فخدعته فانخدع، قال: فأنشدني ما قلت فيه، فأنشدته [من الوافر]:
هو المهدي إلا أن فيه. . . مشابه صورة القمر المنير
تشابه ذا وذا فهما إذا ما. . . أنارا يشكلان على البصير
فهذا في الظلام سراج نور. . . وهذا بالنهار سراج نور
ولكن فضل الرحمن هذا. . . على ذا بالمنابر والسرير
وبالملك العزيز فذا أمير. . . وما ذا بالأمير ولا الوزير
ونقص الشهر يخمد ذا وهذا. . . منير عند نقصان الشهور
فيا ابن خليفة الله المصفى. . . به تعلو مفاخرة الفخور
لقد فت الملوك وقد توانوا. . . إليك من السهولة والوعور
لقد سبق الملوك أبوك حتى. . . بقوا من بين كاب أو حسير
وجئت وراءه تجري حثيثا. . . وما بك حين تجري من فتور
فقال الناس ما هذان إلا. . . كما بين الفتيل إلى النقير
فإن سبق الكبير فأهل سبق. . . له فضل الكبير على الصغير
وإن بلغ الصغير مدى كبير. . . فقد خلق الصغير من الكبير
فقال لي: ما أحسن ما قلت، ولكن لا تساوي ما أخذت، يا ربيع حط ثقله وخذ منه ستة عشر ألفا وخله والبقية. قال: فحط والله الربيع ثقلي