وأخذ مني ستة عشر ألفا فما بقيت معي إلا نفيقة يسيرة لأني كنت أشتريت لأهلي طرائف من طرائف الري فشخصت وآليت أن لا أدخل بغداد، وللمنصور بها ولاية، فلما مات المنصور، واستخلف المهدي قدمت بغداد فألفيت رجلا يقال له: ابن ثوبان قد نصبه المهدي للمظالم، فكتبت قصة أشرح فيها ما جرى علي، فرفعها ابن ثوبان إلى المهدي، فلما قرأها ضحك حتى استلقى، ثم قال: هذه مظلمة أنا بها عارف، ردوا عليه ماله الأول، وضموا إليه عشرين ألفا.
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد الواعظ قال: حدثنا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الأنباري إملاء قال: حدثنا جدي قال: سمعت عباءة بن كليب قال: أتاني المؤمل الشاعر فقال: أروي لك ثلاثة أبيات؟ قلت له: أنت تقول في الغزل والنساء قال: اسمعها فإن أعجبتك فاروها. قلت: هات قال: إذا سفه عليك أحد فاروها، ولا تكلمه [من الوافر]:
إذا نطق اللئيم فلا تجبه. . . فخير من إجابتك السكوت
لئيم القوم يشتمني فيخطئ. . . ولو دمه سفكت لما خطيت
فلست مشاتما أبدا لئيما. . . خزيت لمن يشاتمه خزيت
قال لنا ابن حماد: وخزيت بالزاي في الموضعين.
قرأت على الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال: أخبرني محمد بن العباس قال: ذكر المؤمل بين يدي أبي العباس المبرد فقالوا: كانوا يقولون له المؤمل البارد. فقال أبو العباس: في شعره ذلك، ولكنه شاعر ثم قال: أنشدني له عبد الصمد بن المعذل [من البسيط]:
لا تغضبن على قوم تحبهم. . . فليس ينجيك من أحبابك الغضب
ولا تخاصمهم يوما وإن ظلموا. . . إن القضاة إذا ما خوصموا غلبوا