نسبني إلى الكذب فإن كنت كاذبا فلا أصلح، وإن كنت صادقا فقد أخبرت أمير المؤمنين أني لا أصلح قال: فرده إلى الحبس.
أخبرني أبو بشر محمد بن عمر الوكيل، وأبو الفتح عبد الكريم بن محمد بن أحمد الضبي المحاملي قالا: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ قال: حدثنا مكرم بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن محمد الحماني قال: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: سمعت الربيع بن يونس يقول: رأيت أمير المؤمنين المنصور ينازل أبا حنيفة في أمر القضاء، وهو يقول: اتق الله، ولا ترعي أمانتك إلا من يخاف الله، والله ما أنا بمأمون الرضى فكيف أكون مأمون الغضب؟ ولو اتجه الحكم عليك ثم تهددتني أن تغرقني في الفرات أو أن تلي الحكم لاخترت أن أغرق، ولك حاشية يحتاجون إلى من يكرمهم لك فلا أصلح لذلك فقال له: كذبت أنت تصلح، فقال: قد حكمت لي على نفسك كيف يحل لك أن تولي قاضيا على أمانتك، وهو كذاب.
أخبرنا الصيمري قال: أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني قال: حدثنا محمد بن أحمد الكاتب قال: حدثنا عباس الدوري قال: حدثونا عن المنصور أنه لما بنى مدينته ونزلها، ونزل المهدي في الجانب الشرقي، وبنى مسجد الرصافة أرسل إلى أبي حنيفة فجيء به فعرض عليه قضاء الرصافة فأبى فقال له: إن لم تفعل ضربتك بالسياط قال: أوتفعل؟ قال: نعم فقعد في القضاء يومين فلم يأته أحد فلما كان في اليوم الثالث أتاه رجل صفار، ومعه آخر فقال الصفار: لي على هذا درهمان وأربعة دوانيق بقية ثمن تور صفر، فقال أبو حنيفة: اتق الله، وانظر فيما يقول الصفار قال: ليس له علي شيء فقال أبو حنيفة للصفار: ما تقول؟ قال: استحلفه لي فقال أبو حنيفة للرجل: قل والله الذي لا إله ألا هو فجعل يقول فلما رآه أبو حنيفة معزما