حفص: قد حضرني بيت ثان يا أمير المؤمنين. قال: هاته. فأنشأ يقول:
كلما دارت الزجاجة زادته حنينا ولوعة فبكاك قال: أحسنت والله، يا فضل أعطه عشرة آلاف درهم. قال الأصمعي: فنزل بي في ذلك اليوم ما لم ينزل بي قط مثله، إن ابن أبي حفص يرجع بعشرين ألف درهم، وبفخر ذلك المجلس، وأرجع صفرا منهما جميعا، ثم حضرني بيت فقلت: يا أمير المؤمنين قد حضرني ثالث، فقال: هاته، فأنشأت أقول:
لم ينلك المنى بأن تحضريني وتجافت أمنيتي عن سواك فقال: أحسنت والله، يا فضل أعطه عشرين ألف درهم، ثم قال هارون: قد حضرني بيت رابع فقلنا: إن رأى أمير المؤمنين أن ينشدنا فعل، فأنشأ يقول:
فتمنيت أن يغشيني الله نعاسا لعل عيني تراك قال: فقلنا: يا أمير المؤمنين أنت والله أشعر منا، فجوائزنا لأمير المؤمنين فقال: جوائزكما لكما وانصرفا.
أخبرنا التنوخي والجوهري قالا: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش قال: قال محمد بن حبيب: حدثنا أبو عكرمة عامر بن عمران الضبي، قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: دخلت على أمير المؤمنين الرشيد يوما فقال: أنشدني من شعرك فأنشدته [من الطويل]:
وآمرة بالبخل قلت لها اقصري فذلك شيء ما إليه سبيل أرى الناس خلان الجواد ولا أرى بخيلا له في العالمين خليل