أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي، قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن محمد بن هارون التميمي بالكوفة، قال: حدثنا الحسن بن داود، قال: حدثنا أبو جعفر عقدة، قال: حدثنا أبو بديل الوضاحي قال: أمر أمير المؤمنين المأمون الفراء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو، وما سمع من العرب، وأمر أن يفرد في حجرة من حجر الدار، ووكل بها جواري وخدما يقمن بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه ولا تتشرف نفسه إلى شيء، حتى إنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة، وصير له الوراقين، وألزمه الأمناء والمنفقين، فكان يملي والوراقون يكتبون، حتى صنف الحدود في سنين، وأمر المأمون بكتبه في الخزائن، فبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس، وابتدأ يُمل كتاب المعاني، وكان وراقيه سلمة وأبو نصر، قال: فأردنا أن نعد الناس الذين اجتمعوا لإملاء كتاب المعاني فلم يضبط. قال: فعددنا القضاة فكانوا ثمانين قاضيا، فلم يزل يُمله حتى أتمه. وله كتابان في المشكل أحدهما أكبر من الآخر. قال: فلما فرغ من إملاء المعاني خزنه الوراقون عن الناس ليكتسبوا به وقالوا: لا نخرجه إلى أحد إلا إلى من أراد أن ننسخه له على خمس أوراق بدرهم، فشكى الناس ذلك إلى الفراء فدعا الوراقين فقال لهم في ذلك فقالوا: إنما صحبناك لننتفع بك، وكل ما صنفته فليس بالناس إليه من الحاجة ما بهم إلى هذا الكتاب، فدعنا نعش به قال: فقاربوهم تنتفعوا وينتفعوا فأبوا عليه، فقال: سأريكم. وقال للناس: إني ممل كتاب معان أتم شرحا، وأبسط قولا من الذي أمللت، فجلس يمل فأمل الحمد في مِائَة ورقة، فجاء الوراقون