اللغة فوجدته بحرا وفاتشته عن النحو فشاهدت نسيج وحده، وعن الفقه فوجدت رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم، وبالنجوم ماهرا، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب وأشعارها حاذقا. فقلت: من تكون؟ وما أظنك إلا الفراء؟ قال: أنا هو فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون فأمر بإحضاره لوقته، وكان سبب اتصاله به.
أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق، قال: حدثنا أبو بكر ابن الأنباري، قال: حدثني أبي قال: سمعت إسماعيل بن إسحاق يقول: ما أحد برع في علم الأدلة على غيره من العلوم قال: بشر المريسي للفراء: يا أبا زكريا أريد أن أسألك عن مسألة من الفقه فقال: سل فقال: ما تقول في رجل سها في سجدتي السهو؟ قال: لا شيء عليه قال: من أين قلت؟ قال: قسته على مذاهبنا في العربية، وذلك أن المصغر عندنا لا يصغر، فكذلك لا يلتفت إلى السهو في السهو. فسكت بشر، وحكي أن محمد بن الحسن سأل الفراء عن هذه المسألة لا بشر.
أخبرنا الأزهري، قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا بنان بن يعقوب الزقومي أخو حمدان الكندي قال: سمعت عبد الله بن الوليد صعودا يقول: كان محمد بن الحسن الفقيه ابن خالة الفراء، وكان الفراء عنده يوما جالسا فقال الفراء: قل رجل أنعم النظر في باب من العلم فأراد غيره إلا سهل عليه فقال له محمد: يا أبا زكريا، فأنت الآن قد أنعمت النظر في العربية، فنسألك عن باب من الفقه؟ قال: هات على بركة الله قال: ما تقول في رجل صلى فسها فسجد سجدتي السهو فسها فيهما؟ ففكر الفراء ساعة ثم قال: لا شيء عليه. قال له محمد: