والبحرين دخل من باب البصرة، وإذا جاء الجائي من المشرق دخل من باب خراسان - وذكر باب خراسان كان قد سقط من الكتاب فلم يذكره محمد بن جعفر عن السكوني، وإنما استدركناه من رواية غيره - وجعل، يعني المنصور، كل باب مقابلا للقصر وبنى على كل باب قبة، وجعل بين كل بابين ثمانية وعشرين برجا، إلا بين باب البصرة وباب الكوفة فإنه يزيد واحدا، وجعل الطول من باب خراسان إلى باب الكوفة ثمانمائة ذراع، ومن باب الشام إلى باب البصرة ستمائة ذراع، ومن أول أبواب المدينة إلى الباب الذي يشرع إلى الرحبة خمسة أبواب حديد.
وذكر وكيع فيما بلغني عنه: أن أبا جعفر بنى المدينة مدورة؛ لأن المدورة لها معان سوى المربعة، وذلك أن المربعة إذا كان الملك في وسطها كان بعضها أقرب إليه من بعض، والمدور من حيث قسم كان مستويا لا يزيد هذا على هذا ولا هذا على هذا، وبنى لها أربعة أبواب، وعمل عليها الخنادق، وعمل لها سورين وفصيلين بين كل بابين فصيلان، والسور الداخل أطول من الخارج. وأمر أن لا يسكن تحت السور الطويل الداخل أحد ولا يبني منزلا، وأمر أن تبنى في الفصيل الثاني مع السور المنازل لأنه أحصن للسور، ثم بنى القصر والمسجد الجامع.
وكان في صدر قصر المنصور إيوان طوله ثلاثون ذراعا، وعرضه عشرون ذراعا، وفي صدر الإيوان مجلس عشرون ذراعا في عشرين ذراعا، وسمكه عشرون ذراعا؛ وسقفه قبة وعليه مجلس مثله فوقه القبة الخضراء؛ وسمكه إلى أول حد عقد القبة عشرون ذراعا؛ فصار من الأرض إلى رأس القبة الخضراء ثمانين ذراعا، وعلى رأس القبة تمثال فرس وعليه فارس. وكانت القبة الخضراء ترى من أطراف بغداد.