حدثني القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: سمعت جماعة من شيوخنا يذكرون: أن القبة الخضراء كان على رأسها صنم على صورة فارس في يده رمح، فكان السلطان إذا رأى أن ذلك الصنم قد استقبل بعض الجهات ومد الرمح نحوها، علم أن بعض الخوارج يظهر من تلك الجهة فلا يطول الوقت حتى ترد عليه الأخبار بأن خارجيا قد نجم من تلك الجهة، أو كما قال.
أنبأنا إبراهيم بن مخلد القاضي، قال: أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي قال: سقط رأس القبة الخضراء، خضراء أبي جعفر المنصور، التي في قصره بمدينته يوم الثلاثاء لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وكان ليلتئذ مطر عظيم ورعد هائل وبرق شديد، وكانت هذه القبة تاج بغداد وعلم البلد ومأثرة من مآثر بني العباس عظيمة، بنيت أول ملكهم وبقيت إلى هذا الوقت، فكان بين بنائها وسقوطها مائة ونيف وثمانون سنة.
قال وكيع فيما بلغني عنه: إن المدينة مدورة عليها سور مدور، قطرها من باب خراسان إلى باب الكوفة ألفا ذراع ومائتا ذراع، ومن باب البصرة إلى باب الشام ألفا ذراع ومائتا ذراع، وسمك ارتفاع هذا السور الداخل وهو سور المدينة في السماء خمسة وثلاثون ذراعا؛ وعليه أبرجة سمك كل برج منها فوق السور خمسة أذرع، وعلى السور شرف، وعرض السور من أسفله نحو عشرين ذراعا. ثم الفصيل بين السورين وعرضه ستون ذراعا. ثم السور الأول وهو سور الفصيل ودونه خندق. وللمدينة أربعة أبواب: شرقي وغربي وقبلي وشمالي، لكل باب منها بابان، باب دون باب، بينهما دهليز ورحبة يدخل إلى الفصيل الدائر بين السورين، فالأول باب الفصيل، والثاني باب المدينة، فإذا دخل الداخل من باب خراسان الأول عطف على يساره في دهليز أزج معقود بالآجر والجص، عرضه عشرون ذراعا وطوله ثلاثون ذراعا، المدخل إليه في