وحكي أن والد أبي يوسف مات وخلف أبا يوسف طفلا صغيرا، وأن أمه هي التي أنكرت عليه حضوره حلقة أبي حنيفة كذلك أخبرني الحسن بن أبي بكر قال: ذكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش أن محمد بن عبد الرحمن السامي أخبرهم بهراة قال: أخبرنا علي بن الجعد، قال: أخبرني يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف القاضي قال: توفي أبي إبراهيم بن حبيب، وخلفني صغيرا في حجر أمي، فأسلمتني إلى قصار أخدمه، فكنت أدع القصار وأمر إلى حلقة أبي حنيفة، فأجلس أستمع فكانت أمي تجيء خلفي إلى الحلقة، فتأخذ بيدي وتذهب بي إلى القصار، وكان أبو حنيفة يعنى بي لما يرى من حضوري وحرصي على التعلم، فلما كثر ذلك على أمي، وطال عليها هربي قالت لأبي حنيفة: ما لهذا الصبي فساد غيرك، هذا صبي يتيم لا شيء له، وإنما أطعمه من مغزلي، وآمل أن يكسب دانقا يعود به على نفسه. فقال لها أبو حنيفة: مري يا رعناء هذا هو ذا يتعلم، أكل الفالوذج بدهن الفستق، فانصرفت عنه وقالت له: أنت شيخ قد خرفت وذهب عقلك، ثم لزمته فنفعني الله بالعلم ورفعني حتى تقلدت القضاء، وكنت أجالس الرشيد، وآكل معه على مائدته، فلما كان في بعض الأيام قدم إلي هارون فالوذجة فقال لي هارون: يا يعقوب كل منه فليس في كل يوم يعمل لنا مثلها. فقلت: وما هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذه فالوذجة بدهن الفستق فضحكت فقال لي: مم ضحكت؟ فقلت: خيرا أبقى الله أمير المؤمنين. قال: لتخبرني وألح علي فخبرته بالقصة من أولها إلى آخرها، فعجب من ذلك، وقال لعمري: إن العلم ليرفع وينفع دينا ودنيا، وترحم على أبي حنيفة وقال: كان ينظر بعين عقله ما لا يراه بعين رأسه.
أخبرني الحسن بن محمد الخلال، قال: أخبرنا علي بن عمرو الحريري