ابن خلف قال: قال أحمد بن الحارث، عن العتابي: أن أبا جعفر نقل الأبواب من واسط، وهي أبواب الحجاج، وأن الحجاج وجدها على مدينة كان بناها سليمان بن داود ﵉ بإزاء واسط، كانت تعرف بزندورد، وكانت خمسة. وصير على باب خراسان بابا جيء به من الشام من عمل الفراعنة، وعلى باب الكوفة الخارج بابا جيء به من الكوفة من عمل القسري. وعمل هو لباب الشام بابا فهو أضعفها. وابتنى قصره الذي يسمى الخلد على دجلة، وتولى ذلك أبان بن صدقة والربيع، وأمر أن يعقد الجسر عند باب الشعير، وأقطع أصحابه خمسين في خمسين.
قلت: إنما سمي قصر المنصور الخلد تشبيها له بجنة الخلد، وما يحويه من كل منظر رائق، ومطلب فائق، وغرض غريب، ومراد عجيب، وكان موضعه وراء باب خراسان، وقد اندرس الآن فلا عين له ولا أثر.
حدثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال: حدثني أبو الحسن علي بن عبيد الزجاج الشاهد وكان مولده في شهر رمضان من سنة أربع وتسعين ومائتين، قال: أذكر في سنة سبع وثلاثمائة، وقد كسرت العامة الحبوس بمدينة المنصور، فأفلت من كان فيها، وكانت الأبواب الحديد التي للمدينة باقية، فغلقت وتتبع أصحاب الشرط من أفلت من الحبوس، فأخذوا جميعهم حتى لم يفتهم منهم أحد.
عدنا إلى كلام وكيع المتقدم، قال: ثم يدخل من الدهليز الثاني إلى رحبة مربعة عشرون ذراعا في مثلها، فعلى يمين الداخل إليها طريق وعلى يساره طريق، يؤدي الأيمن إلى باب الشام والأيسر إلى باب البصرة. والرحبة كالرحبة التي وصفنا، ثم يدور هذا الفصيل على سائر الأبواب بهذه الصورة، وتشرع في هذا الفصيل أبواب السكك، وهو فصيل ماد مع السور، وعرض كل فصيل من هذه الفصلان من السور إلى أفواه السكك خمسة وعشرون ذراعا،