ثم يدخل من الرحبة التي وصفنا إلى الطاقات، وهي ثلاثة وخمسون طاقا سوى طاق المدخل إليها من هذه الرحبة، وعليه باب ساج كبير فردين، وعرض الطاقات خمسة عشر ذراعا، وطولها من أولها إلى الرحبة التي بين هذه الطاقات والطاقات الصغرى مائتا ذراع، وفي جنبتي الطاقات بين كل طاقين منها غرف كانت للمرابطة، وكذلك لسائر الأبواب الباقية، فعلى هذه الصفة سواء، ثم يخرج من الطاقات إلى رحبة مربعة عشرون ذراعا في عشرين ذراعا، فعن يمينك طريق يؤدي إلى نظيرتها من باب الشام، ثم تدور إلى نظيرتها من باب الكوفة، ثم إلى نظيرتها من باب البصرة.
ثم نعود إلى وصفنا لباب خراسان: كل واحدة منهن نظيرة لصواحباتها، وفي هذا الفصيل تشرع أبواب لبعض السكك، وتجاهك الطاقات الصغرى التي تلي دهليز المدينة الذي يخرج منه إلى الرحبة الدائرة حول القصر والمسجد.
حدثني علي بن المحسن قال: قال لي القاضي أبو بكر بن أبي موسى الهاشمي: انبثق البثق من قبين وجاء الماء الأسود فهدم طاقات باب الكوفة، ودخل المدينة فهدم دورنا، فخرجنا إلى الموصل وذلك في سني نيف وثلاثين وثلاثمائة، وأقمنا بالموصل سنين عدة ثم عدنا إلى بغداد فسكنا طاقات العكي.
قلت: بلغني عن أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، قال: قد رأيت المدن العظام، والمذكورة بالإتقان والإحكام، بالشامات وبلاد الروم وفي