غيرهما من البلدان، لم أر مدينة قط أرفع سمكا، ولا أجود استدارة، ولا أنبل نبلا، ولا أوسع أبوابا، ولا أجود فصيلا، من الزوراء، وهي مدينة أبي جعفر المنصور، كأنما صبت في قالب وكأنما أفرغت إفراغا، والدليل على أن اسمها الزوراء قول سلم الخاسر [من الخفيف]:
أين رب الزوراء إذ قلدته الـ … ـملك عشرين حجة واثنتان
أخبرنا الحسين بن المؤدب، قال: أخبرني إبراهيم بن عبد الله الشطي، قال: حدثنا أبو إسحاق الهجيمي، قال: حدثنا محمد بن القاسم أبو العيناء قال: قال الربيع: قال لي المنصور: يا ربيع هل تعلم في بنائي هذا موضعا إن أخذني فيه الحصار خرجت خارجا منه على فرسخين؟ قال: قلت: لا. قال: بلى، في بنائي هذا ما إن أخذني فيه الحصار خرجت خارجا منه على فرسخين.
حدثت عن أبي عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني قال: دفع إلي العباس بن العباس بن محمد بن عبد الله بن المغيرة الجوهري كتابا ذكر أنه بخط عبد الله بن أبي سعد الوراق فكان فيه: حدثنا عبد الله بن محمد بن عياش التميمي المروروذي، قال: سمعت جدي عياش بن القاسم يقول: كان على أبواب المدينة مما يلي الرحاب ستور وحجاب، وعلى كل باب قائد، فكان على باب الشام سليمان بن مجالد في ألف، وعلى باب البصرة أبو الأزهر التميمي في ألف، وعلى باب الكوفة خالد العكي في ألف، وعلى باب خراسان مسلمة بن صهيب الغساني في ألف. وكان لا يدخل أحد من عمومته، يعني عمومة المنصور، ولا غيرهم من هذه الأبواب إلا راجلا، إلا داود بن علي عمه فإنه كان منقرسا، فكان يحمل في محفة، ومحمد المهدي ابنه،