وكانت تكنس الرحاب في كل يوم يكنسها الفراشون، ويحمل التراب إلى خارج المدينة، فقال له عمه عبد الصمد: يا أمير المؤمنين أنا شيخ كبير فلو أذنت لي أن أنزل داخل الأبواب، فلم يأذن له. فقال: يا أمير المؤمنين عدني بعض بغال الروايا التي تصل إلى الرحاب. فقال: يا ربيع، بغال الروايا تصل إلى رحابي؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: تتخذ الساعة قني بالساج من باب خراسان حتى تجيء إلى قصري، ففعل.
أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسن المؤدب، قال: أخبرني إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم الشطي بجرجان، قال: حدثنا أبو إسحاق الهجيمي قال: قال أبو العيناء: بلغني أن المنصور جلس يوما فقال للربيع: انظر من بالباب من وفود الملوك فأدخله. قال: قلت وافد من قبل ملك الروم. قال: أدخله. فدخل، فبينا هو جالس عند أمير المؤمنين، إذ سمع المنصور صرخة كادت تقلع القصر، فقال: يا ربيع، ينظر ما هذا؟ قال: ثم سمع صرخة هي أشد من الأولى، فقال: يا ربيع، ينظر ما هذا؟ قال: ثم سمع صرخة هي أشد من الأوليين. فقال: يا ربيع، اخرج بنفسك. قال: فخرج الربيع ثم دخل، فقال: يا أمير المؤمنين بقرة قربت لتذبح، فغلبت الجازر وخرجت تدور في الأسواق، فأصغى الرومي إلى الربيع يتفهم ما قال، ففطن المنصور لإصغاء الرومي، فقال: يا ربيع، أفهمه. قال: فأفهمه. فقال الرومي: يا أمير المؤمنين إنك بنيت