ثم قصد رسول الله الكعبة فطاف بها سبعا، يستلم الركن بمحجن في يده، وكان على الكعبة ثلاثمائة وستون صنما مشدودة إليها برصاص، فصار يطعنها بعود في يده وهو يقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ فجعلت الأصنام تتهاوى وتسقط إلى غير رجعة، ورجعت الكعبة كما كانت على عهد الخليل إبراهيم رمز التوحيد، وعبادة الله واحده.
[في جوف الكعبة]
ثم دعا النبي عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الدار حاجب الكعبة، فأخذ منه المفتاح ففتحت له الكعبة، فدخلها وكبّر في جوانبها وصلّى فيها ركعتين، ورأى على جدرانها صور الملائكة وغيرهم، وصورة إبراهيم وإسماعيل بيدهما الأزلام يستقسمان بها فقال:«قاتلهم الله، لقد علموا ما استقسما بها قط» !! وأمر بالصور فأزيلت، وبالأصنام فأخرجت.
[أذان بلال على الكعبة]
وبعد أن طهرت الكعبة من الأصنام أمر النبي عليه الصلاة والسلام بلالا فأذّن فوقها، مما أهاج غيظ الذين لم يكونوا قد تخلّصوا من عنجهية الجاهلية، حتى لقد قال بعضهم: الحمد لله الذي توفى فلانا قبل أن يرى هذا العبد الأسود على ظهر الكعبة!! ومن يومها ومنذ أربعة عشر قرنا إلى يومنا وإلى ما شاء الله وبلال وخلفاؤه ينادون الناس كل يوم خمس مرات: (ألاإله إلا الله وأن محمّدا رسول الله) وأن الله أكبر من كل كبير، وداعين الناس إلى الفلاح، وإلى خير العمل وهي الصلاة.
[اليوم يوم بر ووفاء]
ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إليه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ومفتاح الكعبة بيده، فقال: يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أين عثمان بن طلحة» ؟ فدعي له فقال: «هذا مفتاحك يا عثمان،