للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحارث. والمنبعث، ويحنس، ووردان في رهط من رقيقهم يبلغ ثلاثة وعشرين رجلا، فأسلموا فأعتقهم رسول الله، ودفع كل واحد منهم إلى رجل من المسلمين يعوله ويحمله. فلما قدم أهل الطائف بعد مسلمين قالوا يا رسول الله:

ردّ علينا رقيقنا فقال: «لا، أولئك عتقاء الله» «١» .

[الرمي بالمنجنيق واستعمال الدبابات]

ثم أمر رسول الله برميهم بالمنجنيقات «٢» وذكر ابن هشام أن رسول الله أول من رمى به، وكان أول استعمالهم له في حصار الطائف، ويقال إن سلمان الفارسي هو الذي أشار به وعمله بيده، ورأى المسلمون أن يستعملوا الدبابات «٣» ليتوصلوا بها إلى نقب الحصن وتقويض أساسه، فيسهل عليهم الدخول والتلاقي مع الأعداء وجها لوجه، فدخل نفر من الصحابة تحت دبابة ثم زحفوا إلى جدار الحصن لينقبوه.

ولكن أهل الطائف كانوا من المهارة والدربة في الحرب ما أكره المسلمين على الفرار من تحتها، وعدم الاستفادة منها، ذلك أنهم أحموا قطعا من الحديد بالنار، حتى إذا انصهرت ألقوها على الدبابات فأحرقتها، ففرّ الجنود المسلمون من تحتها خيفة أن يحترقوا، فرمتهم ثقيف بالنبال فقتلت بعضهم، وهكذا لم تفد هذه المحاولة الجادة المبتكرة في نقب الحصون والدخول منها، وهذا يدل على لون من ألوان إعداد العدة للأعداء، وعلى مبلغ تقبل النبي والصحابة واستعمالهم لكل سلاح مستطاع في الحروب.

[تقطيع الأعناب والزروع]

وكانت الطائف مشهورة بزروعها وكرومها وكانت تمثل ثروة عظيمة لأهلها، فأمر رسول الله أصحابه بتقطيعها عسى أن يكون هذا حاملا لهم على


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٤٨.
(٢) المنجنيق الة يرمى بها الحجارة كانت تقوم مقام المدفع اليوم.
(٣) الدبابة مشدّدة: الة تتخذ للحروب، فتدفع في أصل الحصن فينقبونه وهم في جوفها (قاموس) وقد كانت حينذاك تكسى بالجلود الغليظة، فلذلك أحرقتها كرات النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>