ما بينهم من العداوة والبغضاء، فإن يجمعهم الله بك فلن يكون أحد أعزّ منك في العرب.
وقد حقق الله الرجاء، فقد صاروا بعد أن أنعم الله عليهم بالإسلام إخوانا متحابين متالفين، وكان للإسلام من هذا الغنم والخير الكثير، وقد ذكّرهم الله بهذه النعمة في قوله عز شأنه:
وقد قام السادة الأنصار تجاه إخوانهم المهاجرين بألوان من المواساة، والإكرام، والإيواء، والإيثار، ما استحقوا به أن ينزل الله فيهم قرانا يتلى إلى يوم الدين، وصاروا مثلا عاليا يضرب في الأولين والاخرين، وسنعرض لماثرهم ونوفّيهم بعض حقهم عن كثب.
وقد صار المهاجرون والأنصار بعد الهجرة كالجسد الواحد، وعلى قلب رجل واحد، ويدا واحدة تجاه المشركين واليهود والمنافقين، ولم يزالوا يكافحون ويجالدون، ويصبرون ويصابرون حتى انما هؤلاء الأعداء الثلاثة، وصاروا في عداد الهلكى الغابرين، وبقيت كلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم.
[المنافقين]
وهم أهل المدينة من غير المسلمين، ولم يكن بمكة منافقون لأن طبيعة العرب الخلّص تأبى النفاق، فإما إيمان صادق، وإما كفر ظاهر، وإنما نجم النفاق بالمدينة، فقد كان يساكن العرب فيها اليهود، وهم قوم مخادعون منافقون بطبيعتهم، وعنهم أخذ عرب المدينة الذين لم يسلموا هذا الخلق المرذول.
ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وتالف المهاجرون والأنصار، وتاخوا في الله، وصاروا قوة مرهوبة في المدينة، وصارت للنبي صلى الله عليه وسلم الكلمة النافذة على المسلمين