للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعدائه، ثم يقف هذا الموقف الفذ العظيم!!

إن هذا في منطق العقل يستحيل أن يكون مدعيا أو كاذبا أو بشرا من عامة البشر، ما هذا إلا نبي كريم، ورجل بالغ أسمى درجات الثقة بالله رب العالمين!!

ولئن تخلّى عنه الناس جميعا فلن ينكص على عقبيه أو يفتر عن دعوته، لأنه يأوي إلى ركن شديد.

[وماذا كان من أبي طالب؟]

وقف الشيخ الكبير أبو طالب مأخوذا بما سمع وما رأى، فناداه قائلا:

أقبل يا ابن أخي، فأقبل، فقال: اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبدا!!.

[مساومة حمقاء]

ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإسلامه لأحد، وإجماعه لفراقهم في ذلك، وعداوتهم، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له: يا أبا طالب، هذا عمارة بن الوليد، أنهد «١» فتى في قريش، وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولدا فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا، الذي قد خالف دينك، ودين ابائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله!!

فقال أبو طالب: والله لبئس ما تسومونني!! أتعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه؟! هذا- والله- لن يكون أبدا.

فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، وجاهدوا على التخلص مما تكرهه، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا!!

فقال أبو طالب للمطعم: والله ما أنصفوني، ولكنك قد أجمعت خذلاني


(١) أشد وأقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>