للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدين، وأن يؤمهم في الصلاة، وذلك أن الأوس والخزرج كره كل منهم أن يؤمه الاخر، وكان يسمى بالمدينة «المقرىء» و «القارىء» ، وكان نزوله بالمدينة على السيد الصحابي الجليل السابق إلى الخير سيد الخزرج، ونقيب بني النجار أسعد بن زرارة بن عدس بن أبي أمامة.

[نجاح مصعب في مهمته]

وقد نجح داعية الإسلام بالمدينة في إسلام الكثيرين من أهلها، ومن أجلّهم سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير «١» ، وبإسلامهما أسلم الكثيرون من بني عبد الأشهل وغيرهم، وإليك قصة مصعب معهما، فإن فيها أسوة حسنة لكل داع إلى الله، وإلى الإسلام بإخلاص وعقيدة، وتفان في سبيل الدعوة.

ذلك أن مصعب بن عمير نزل على أسعد بن زرارة سابق الأنصار إلى الإسلام، فخرج أسعد بمصعب يريد دار بني عبد الأشهل، ودار بني ظفر، فدخل به أسعد حائطا «٢» من حيطان بني ظفر على بئر يقال لها: بئر مرق، فجلسا في الحائط، واجتمع إليهما رجال ممّن أسلم، وكان سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير سيّدي قومهما من بني عبد الأشهل، وكانا مشركين على دين قومهما، فلما سمعا بمصعب بن عمير ونشاطه في الدعوة إلى الإسلام قال سعد لأسيد: لا أبا لك، انطلق إلى هذين الرجلين اللذين أتيا دارينا ليسفّها ضعفاءنا فازجرهما، وانههما أن يأتيا دارينا، فإنه لولا أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كفيتك ذلك، هو ابن خالتي ولا أجد عليه مقدما.

فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل عليهما، فلما راه أسعد بن زرارة


- الإيذاء، والضيق، والتقشف، ورثاثة الحال، فلا تعجب إذا كان رسول الله إذا راه بكى لحاله، وقد شهد بدرا، واستشهد بأحد لما حمى رسول الله بنفسه، ولما مات كان عليه ثوب إن «غطّوا به رأسه تبدّت رجلاه، وإن غطّوا به رجليه بدا رأسه، فقال رسول الله: غطّوا رأسه وضعوا على رجليه الإذخر» ، فرضي الله عنه وأرضاه.
(١) بالتصغير فيهما.
(٢) حائطا: بستانا.

<<  <  ج: ص:  >  >>