للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المساكنين لهم في المدينة، كي يأمنوا شرورهم، ولا يقال: إن النبي أرسل سرايا في السنة الأولى، لأنها في نظرنا كانت للمناوشات وإرغامهم على أن يفكروا جديا في تغيير خطتهم تجاه المسلمين، وتركهم يبلّغون دين ربهم وهم امنون مطمئنون.

[لم شرع الجهاد في الإسلام؟]

لقد تضمنت ايات سورة الحج المذكورة انفا الأسباب والأغراض التي اقتضت تشريع الجهاد، ولن أخرج في بيان ذلك عن منطق الاية وفحواها، حتى يكون في هذا إلقام الحجر لمن يتقوّل على الإسلام، ومن هذه الايات نستخلص الأسباب والحكم الاتية:

١- تأمين دعوة الإسلام، الدين العام الخالد، الذي ارتضاه الله للبشرية جمعاء، ومساندة هذه الدعوة التحريرية الكبرى، حتى يتمكن النبي من تبليغ رسالة ربه حسبما صدع به الوحي في قوله:

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ «١» .

وقوله:

وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ «٢» .

وتأمين المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام عن رضا واطمئنان، وحمايتهم من أذى المشركين، ومنحهم حقهم في الإعلان عن عقيدتهم وهم امنون، وليس من الحق والعدل أن يدافع أصحاب المذاهب الباطلة عن باطلهم بالقوة، وأن يترك أصحاب العقائد الصحيحة والشريعة السمحة من غير أن يؤذن لهم في الدفاع عن عقيدتهم ودينهم، وقد أشار الله إلى ذلك بقوله: بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وأي


(١) سورة المائدة: الاية ٦٧.
(٢) سورة الأنعام: الاية ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>