إنّ الناظر في التاريخ، وسير الرسل، والأنبياء، والملوك، والأمراء، وأصحاب المذاهب والدعوات الإصلاحية يجد أنهم يتمتعون بشخصيات قوية تفرض اراءهم على من حولهم، وتجعل كلامهم مسموعا، وأمرهم مطاعا.
وقد يكون من أسباب هذه الشخصية القوية التجبر، والتكبر، والبطش بمن يخالفهم، أو يحاول أن يخالفهم في الاراء، أو يساميهم في المركز والسلطان، وقد يكون من أسبابها ما يكون عليه الإنسان من بسطة في الجسم، وما يمتاز به من قوة وشجاعة وبطولة، ولا سيما في مواطن الحروب وعند لقاء الأبطال.
وقد يكون مبعثها ما أسبغ الله على صاحبها من هيبة ووقار، وما يمتاز به من عظمة الخلق، وما يتحلّى به من الفضائل التي تفرض احترامه على الناس، وما يتمتعون به من عدل ورحمة، وبر وإحسان. وقد يكون مبعثها أنه من بيت عريق، يتوارثون المجد صاغرا عن كابر إلى غير ذلك من الأسباب والبواعث.
ورسل الله- ولا سيما أولو العزم منهم- قد أضفى الله عليهم من الهيبة والوقار والكمال الخلقي، واختارهم من أوساط الناس وأشرافهم، ما جعل لهم شخصيات عظيمة مهيبة.
وفي الذروة من كمال الشخصية وعظمتها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد حاز صلى الله عليه وسلم من الشرف، وكرم النسب وزكاء الأصل، والكمال الجسماني، والكمال الخلقي، ما لم يحزه أحد قط.