للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال بعضهم لبعض: إنه- والله- ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين ابائكم حتى يحكم الله بينكم وبينه، ثم تفرقوا، فقال أبو طالب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: والله يا ابن أخي ما رأيتك سألتهم شططا!! فأنزل الله في ذلك قوله:

ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣) وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦) ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) «١» .

[عرض رسول الله الإيمان على أبي طالب]

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حريصا جدّ الحرص على إيمان عمه، وأن يختم له بهذه الخاتمة السعيدة، ولكن شياطين الإنس من قريش وعنجهية الجاهلية حالت بينه وبين ذلك. روى البخاري في صحيحه أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم وعنده أبو جهل، فقال: «أي عم، قل لا إله إلا الله كلمة أحاجّ لك بها عند الله» وفي رواية: «أشهد لك بها عند الله» فقال أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب ترغب عن ملّة عبد المطلب! فلم يزالا يكلمانه حتى قال اخر شيء كلمهم به: هو «٢» على ملّة عبد المطلب، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك» فنزلت:


(١) الايات ١- ٨ من سورة ص.
(٢) عبر الراوي بضمير الغيبة تنزها من نسبة الشرك إلى نفسه ولو تلفظا، ولكن أبا طالب نطق بضمير المتكلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>