للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[غزوة بني قريظة]

قدمنا في غزوة الأحزاب أن حيي بن أخطب في جماعة من بني النضير ألّبوا العرب على محاربة الرسول بالمدينة حتى كانت غزوة الخندق، وأنهم سعوا إلى بني قريظة- والمشركون يحاصرون المدينة- أن ينقضوا ما بينهم وبين النبي، وأنهم نجحوا في ذلك حتى اشتد الكرب على المسلمين وأصبحوا بين نارين: نار المشركين ونار اليهود، حتى اضطر النبي إلى أن يرسل بعض المسلمين لحراسة الذراري والنساء من غدر اليهود، بعد أن نقضوا العهد.

ولما عاد النبي من الخندق ووضع سلاحه جاء جبريل فقال: أوضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: «نعم» . فقال جبريل: ما وضعنا السلاح، وإن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل بهم، فأمر رسول الله مناديا ينادي في الناس: «ألا لا يصلينّ أحد العصر إلا في بني قريظة» فأخذ بعضهم بظاهر الأمر، فلم يصلوا العصر حتى جاؤوا بني قريظة وقد غربت الشمس، وقال بعضهم: إنما أراد الإسراع وصلّوا في الطريق، فلما علم النبي لم يعنف واحدا منهم «١» .

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءهم فيمن بقي من الصحابة ولواؤه معقود لابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فلما عاين بنو قريظة جيش المسلمين امتلأت قلوبهم رعبا، وتحصنوا بحصونهم، وحاصرهم المسلمون خمسا وعشرين


(١) لأن كلا الفريقين مجتهد، إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>