ذلك البيئات المتحضرة أم المتبدية، ولقد بلغ ببعض رجال الفلسفة اليونانية المشهورين أن قسم الناس إلى حر بالطبع، وعبد بالطبع!!.
وكان هنالك إسراف في النكاح، وإسراف في الطلاق، وكانت المرأة غالبا- مهضومة الحقوق، لا يقام لها وزن، ولا يسمع لها رأي، وتورث كما يورث المتاع، كما كانوا يتزوجون نساء الاباء ويجمعون بين الأختين، بل قيل:
إن اليهود بلغ من سفههم وبغيهم أنهم كانوا ينكحون المحارم، وكانت بعض القبائل تئد البنات خشية العار، وتقتل الأولاد خشية الفقر، حتى جاء الإسلام فقضى على كل هذه المساوىء الاجتماعية، وجعل الناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى.
[الأحوال الخلقية]
أما الجانب الخلقي وما اعتراه من فساد وانحلال وانتكاس وتدلّ إلى الحضيض فحدّث عن ذلك ولا حرج، فمن انتهاك للأعراض، وسطو على الأحرار، وإغراق في المباذل الخلقية، إلى معاقرة للخمر، واقتراف للاثام، ومن معاشرة للبغايا والقيان، إلى اتخاذ الأخدان، ومن استهانة بالدماء، واغتصاب للأموال إلى تعامل بالربا، وأكل أموال الناس بالباطل.
وكانت المباذل والمفاسد الخلقية أكثر ما تكون في بلاط الأكاسرة، وقصور القياصرة، والملوك والأمراء، وقد كانت هذه المفاسد الخلقية من أكبر الأسباب في انحلال الدولتين الكبيرتين انذاك: فارس والروم، وأن سارع إليهما الهرم، فالفناء والزوال.
[الأحوال السياسية]
وكان التعدّي والإغارة على الغير أمرا يكاد يكون سائدا بين قبائل العرب، وكانت تثور بينهم الحرب لأتفه الأسباب، من أجل ناقة، أو سباق فرس، فتستمر السنين، وتأكل الشباب والشيب، ولم تكن الحروب تفتر أيضا بين الدولتين اللتين كانتا تقتسمان العالم في هذا الوقت: دولتي فارس والروم، وقد كان هذا من العوامل التي جعلتهما تهويان تحت ضربات الجيوش الإسلامية المظفّرة، وقد زالت دول البغي والطغيان، وانتشرت شريعة السلام، والحق،