للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ «١» .

[استعراض الجيش ورد بعض الصبيان]

وفي الطريق استعرض رسول الله الجيش، وكان خرج مع الرجال بعض الغلمان ممن لا طاقة لهم على الجهاد رغبة في الجهاد وحبا للاستشهاد في سبيل الله، فردّهم النبي لصغرهم، منهم: عبد الله بن عمر، والبراء بن عازب، وأسامة بن زيد، وزيد بن ثابت، وعرابة بن أوس «٢» ، وأجازهم يوم الخندق، وكان الرسول ردّ سمرة بن جندب ورافع بن خديج، وهما أبناء خمس عشرة سنة، فقيل له: يا رسول الله إن رافعا رجل رام فأجازه، فقيل له: فإن سمرة يصرع رافعا فأجازه.

وما كان لنا أن نمر بهذا دون أن نشيد بأثر التربية الإسلامية انذاك في نفوس الشبان، وأنهم لم يكونوا أقل من الرجال حبا للجهاد وتضحية في سبيل العقيدة والمثل الإنسانية العالية، وبهؤلاء الشباب وأمثالهم انتصر الإسلام وعلا على كل الأديان، وكان المسلمون خير أمة أخرجت للناس، وعسى أن يكون لشبابنا في هؤلاء أسوة حسنة.

[نزول المسلمين بالشعب في أحد والتعبئة للقتال]

ومضى رسول الله في سبعمائة من أصحابه حتى وصل الشّعب من أحد، وجعل ظهره وعسكره إلى الجبل، وقال: «لا يقاتلنّ أحد حتى امره بالقتال» . وفي صبيحة يوم السبت الخامس عشر من شوال عبّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه للقتال، وصفّ الصفوف، وبوّأ كل فريق مكانه، وأمّر رسول الله على الرماة عبد الله بن جبير، وهو معلم بثياب بيض، وكانوا خمسين رجلا، وأوصاهم قائلا: «انضحوا بالنبل عنا لا نؤتينّ من قبلكم، والزموا مكانكم، إن كانت النوبة لنا أو علينا،


(١) سورة ال عمران: الاية ١٢٢.
(٢) قال فيه الشاعر:
رأيت عرابة الأوسي يسمو ... إلى الخيرات منقطع النظير
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين

<<  <  ج: ص:  >  >>