للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فرض الحج]

وفي هذا العام على ما ذهب إليه الكثيرون «١» شرع الله فريضة الحج بقوله سبحانه: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وقيل بقوله:

وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ، والصحيح الأول لأن الإتمام إنما يكون بعد المشروعية. وقد ثبتت فرضيته بالكتاب والسنة والإجماع حتى صار ركنا من أركان الإسلام معلوما من الدين بالضرورة.

والحج شريعة قديمة من لدن أبي الأنبياء الخليل إبراهيم عليه السلام، فإنه لما فرغ من بناء البيت بمعاونة ابنه إسماعيل أمره الله أن يقف على جبل «أبي قبيس» بمكة وينادي في الناس بالحج، فقال: يا ربّي وما يبلغ صوتي؟

فقال الله: «أذّن يا إبراهيم وعليّ البلاغ» ، فأذّن إبراهيم قائلا: «يا أيها الناس، إنّ الله كتب عليكم الحج فحجوا» ، فأسمع الله سبحانه نداءه من كان في أصلاب الرجال، أو أرحام الأمهات، أو عالم الذر قبل أن يوجدوا!! ومن يومها ومن أراد الله لهم الحج يجيبون قائلين: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك» .

وهو العبادة التي بقي العرب محافظين عليها إلى وقت البعثة المحمدية، إلا أنهم كانوا شابوها بالوثنية بما نصبوه على الكعبة وعلى الصفا والمروة من أصنام يتمسحون بها ويتبركون، وكذلك غيّروا في بعض المناسك وبدلوا وابتدعوا، فلما جاء الإسلام قضى على ما شابه من وثنية وعادات جاهلية، ورجع به إلى ما كان


(١) وقيل في السنة السادسة وإليه ذهب الشافعي، وقيل في السنة التاسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>