للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسوّر نفسه بين يدي الرسول ويقول: إني جلد يا رسول الله، فوجهني في حوائجك، ومرني بما شئت.

ومنهم أبو دجانة، فقد ترّس بنفسه على رسول الله، فحنى ظهره عليه، والنبل يقع فيه حتى كثرت به الجراح.

ومنهم زياد بن السكن، ويقال: عمارة بن يزيد بن السكن، كان أحد النفر من الأنصار الذين قتلوا بين يدي رسول الله دفاعا عنه حينما غشيه القوم وتكاثروا عليه لقتله «١» .

ومنهم فتى الفتيان علي بن أبي طالب، فقد كان ممن ثبت مع الرسول، ونافح عنه، وممن قاتل في هذا اليوم قتال الأبطال.

[بطولة امرأة]

وإنها لبطولة تستحق التسجيل، وبطلتها هي السيدة نسيبة بنت كعب المازنية الأنصارية. روى ابن إسحاق وغيره أنها دخلت عليها أم سعد بن الربيع فقالت لها: يا خالة أخبريني خبرك؟ قالت: خرجت أول النهار أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والدولة والريح «٢» للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله، فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف، وأرمي عن القوس حتى خلصت الجراح إليّ.

قالت الراوية: فرأيت على عاتقها جرحا أجوف، له غور، فقلت لها: من أصابك بهذا؟ قالت: ابن قمئة- أقمأه الله- لمّا ولّى الناس عن الرسول أقبل يقول: دلّوني على محمد، لا نجوت إن نجا، فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبتوا مع الرسول، فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان. وقد غشي عليها من جراحها، فلما أفاقت قالت: أين رسول الله وما صنع المشركون معه؟ فقالوا لها: بخير.


(١) سيرة ابن هشام، ج ٣ ص ٨١.
(٢) الريح: الغلبة والنصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>