للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإذن لا يكون إلا بعد منع، فأسلوب الايات يشعر بأنها أول ما نزل، هذا إلى ما روى الحاكم في المستدرك عن حبر القران ابن عباس، أنها أول ما نزل في القتال، ورواه عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري.

وأخرج ابن جرير عن أبي العالية- وهو من التابعين- أن أول اية نزلت فيه قوله تعالى:

وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ «١» .

ويرى البعض أن أول ما نزل هو قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «٢» .

والذي نرجّحه هو الأول، وهو الذي يؤيده العقل والنقل، أما الاية الثانية فهي إلى تنظيم شؤون القتال أقرب، والتنظيم إنما يكون بعد الإذن، وأما الاية الثالثة فهي إلى الحثّ والترغيب في الجهاد أقرب.

[متى شرع الجهاد؟]

والذي يترجح عندي بعد النظر والبحث أن يكون تشريع الجهاد في أوائل السنة الثانية للهجرة، وذلك لأن المسلمين في السنة الأولى كانوا مشتغلين بتنظيم أحوالهم الدينية والدنيوية، كبنائهم المسجد النبوي، وأمور معايشهم، وطرق اكتسابهم، وتنظيم أحوالهم السياسية: كعقد التاخي بينهم، وموادعتهم اليهود


(١) سورة البقرة: الاية ١٩٠.
(٢) سورة التوبة: الاية ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>