للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يوم الخميس]

وفي يوم الخميس الذي قبيل وفاة الرسول خشي أن يموت قبل أن يعهد للناس في شأن الخلافة، فقال- وحوله رجال من أهل بيته وأصحابه-: «ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا» فقال بعضهم- إشفاقا-: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع، وعندكم القران حسبنا كتاب الله. واختلفوا:

فمن قائل بإحضار الكتاب، ومن مانع، فلما كثر الاختلاف قال: «دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه» وأوصاهم بثلاث: قال: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» وأما الثالثة فقيل الوصية بالقران وقيل: تجهيز جيش أسامة «١» .

وفي الصحيح أيضا أن رسول الله قال: «لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون، أو يتمنى المتمنون» وفي رواية الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يأبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر» .

[تنبيه]

في بعض روايات الصحيح «أهجر؟» استفهموه. والهمزة للإنكار والنفي، والهجر ما يقع من المريض من غير وعي، والمراد إنكار ونفي أن يحصل منه ذلك، أو أن يظن به ذلك، فحاشاه أن يكون منه ذلك، وفي بعضها «هجر» بغير الهمزة، وهي محمولة على الإنكار والنفي أيضا، والعرب في أساليبها قد تحذف حرف الاستفهام ويكون المعنى عليه «٢» .

[خروج النبي إلى المسجد]

وفي هذا اليوم عزم النبي صلى الله عليه وسلم على الخروج إلى الناس كي يوصيهم ويخطبهم، فقال: «أهريقوا عليّ من سبع قرب لم تحلّ أوكيتهنّ «٣» ، لعلي أعهد


(١) رواه البخاري.
(٢) فتح الباري، ج ٨ ص ١٥٨.
(٣) الوكاء: ما يربط به فم القربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>