للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طنين المستشرقين]

يقف غير واحد من المستشرقين والمبشّرين عند أسارى بدر، وقتل أسيرين من سبعين أسيرا، ويزعمون زورا وكذبا تعطش الدين الجديد للدماء، ويرون أنه كان الأحسن أن يمنّ المسلمون على الأسرى وبحسبهم ما نالوا من غنيمة، قالوا هذا وتغافلوا عما قام به هذان القتيلان، وما قام به معظم هؤلاء الأسرى من تعذيب وإيذاء للنبي والمسلمين، وصدّهم للناس عن الإسلام ثلاثة عشر عاما، ولم يكفهم ما فعلوا بالمسلمين بمكة، فهاهم لا يزالون يحاربون الإسلام والمسلمين، ويحاولون القضاء عليهم في موطنهم الجديد، وها نحن قد سمعنا عتاب الله للمسلمين أن قبلوا الفداء، ولم يثخنوا فيهم قتلا، ولو أنهم فعلوا لما عوتبوا، ولحظوا بالثناء من رب العالمين.

يقولون هذا ويتجاهلون ما قام به المسيحيون باسم الصليب تجاه المسلمين من حروب دامية دامت حقبا من الزمان، وحاولوا أن يغتصبوا جزا عزيزا من أرض المسلمين في فلسطين، بل وأن يقضوا على الإسلام والمسلمين، ويتناسوا ذلك لولا ما قيّض الله للإسلام والمسلمين من أمثال صلاح الدين الأيوبي البطل المسلم، فهزمهم وألقى بهم في البحر، وطردهم شر طردة.

ويتناسون ما قام به المسيحيون ضد المسلمين في الأندلس، وأيضا المجازر الكبرى التي قامت باسم المسيحية تجاه إخوانهم المسيحيين مثل مجزرة (سان بارتلمي) ، هذه المجزرة التي تعتبر سبة في تاريخ المسيحية لا شيء مثلها قط في تاريخ الإسلام، هذه المجزرة التي دبرت بليل وقام فيها الكاثوليك يذبحون البروتستانتييين في باريس وفي فرنسا غدرا وغيلة، بل في أحط صور الغدر وأبشع صور الغيلة «١» .

وتجاهلوا أيضا ما حدث في أثناء الثورة الفرنسية والثورات المختلفة التي وقعت وتقع في أمم أوروبا المختلفة، من تقتيل وتذبيح للالاف، وما قامت


(١) حياة محمد لهيكل، ص ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>