للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أحق بهذه العبودية من الأنبياء بله رسول الله، وقال تعالى:

إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) «١» .

وأي بشر أصدق إيمانا وأشد توكلا على الله من الأنبياء ولا سيما خاتمهم صلّى الله عليه وسلّم، وقد أقر رئيس الشياطين بأنه لا سلطان له على عباد الله المخلصين، فقال كما حكاه الله عنه في قوله عز وجل:

قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) «٢» .

ومن أحق من الأنبياء بالاصطفاء؟ أو من أشد إخلاصا منهم لله؟ ونبينا محمد على رأس المصطفين الأخيار، وفي الذروة منهم إخلاصا لله.

فهؤلاء الزنادقة الحاقدون على الإسلام ونبيه نسبوا إلى الشيطان ما أقر هو بأنه لا قبل له به، ووضعوا هذه الروايات الباطلة التي تصادم نص القران الذي لا ريب فيه.

[بطلان القصة من جهة العقل والنظر]

وأما بطلان القصة من جهة العقل والنظر فقد قام الدليل العقلي القطعي وأجمعت الأمة على عصمته عليه الصلاة والسلام من مثل هذا، وكل ما جاءت به الروايات الباطلة ممتنع في حقه أن يقوله من قبل نفسه عمدا أو سهوا، وهو في اليقظة أو هو وسنان لمكان العصمة منه، قال القاضي عياض: «وقد قررنا بالبراهين والإجماع عصمته صلّى الله عليه وسلّم من جريان الكفر على قلبه أو لسانه لا عمدا ولا سهوا، أو أن يتشبّه عليه ما يلقيه الملك بما يلقيه الشيطان، أو يكون للشيطان عليه سبيل، أو أن يتقوّل على الله لا عمدا ولا سهوا ما لم ينزل عليه قال الله تعالى:


(١) الاية ٩٩ من سورة النحل.
(٢) الايتان ٨٢، ٨٣ من سورة ص. وقد قرىء «المخلصين» بفتح اللام بمعنى استخلصهم واصطفاهم لنفسه، وبكسر اللام أي أخلصوا لله العبادة والتوحيد وهما قراءتان سبعيتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>